حديث رقم 4603 - من كتاب المطالب العالية للحافظ بن حجر - كِتَابُ الْفُتُوحِ

نص الحديث

4603 قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ . قِيلَ وَمَا إِذْلَالُهُ نَفْسَهُ , قَالَ : يَتَعَرَّضُ مِنَ الْبَلَاءِ لِمَا لَا يُطِيقُ . قِيلَ : يَا أَبَا سَعِيدٍ فَيَزِيدُ الضَّبِّي فِي كَلَامِهِ فِي الصَّلَاةِ ؟ قَالَ : أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ السِّجْنِ حَتَّى نَدِمَ . قَالَ الْمُعَلَّى فَأَقُومُ مِنْ مَجْلِسِ الْحَسَنِ فَأَتَيْتُ يَزِيدَ الضَّبِّي فَقُلْتُ : يَا أَبَا مَوْدُودٍ ، بَيْنَمَا أَنَا وَالْحَسَنُ نَتَذَاكَرُ إِذْ نَصَبْتَ أَمْرَكَ نَصْبًا ، فَقَالَ : مَهْ يَا أَبَا الْحَسَنِ . قَالَ : قُلْتُ : قَدْ فَعَلْتُ . قَالَ : فَمَا قَالَ ؟ قَالَ : أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ السِّجْنِ حَتَّى نَدِمَ عَلَى مَقَالَتِهِ . قَالَ يَزِيدُ مَا نَدِمْتُ عَلَى مَقَالَتِي ، وَايْمُ اللَّهِ لَقَدْ قُمْتُ مَقَامًا أَخْطِرُ فِيهِ بِنَفْسِي . قَالَ يَزِيدُ أَتَيْتُ الْحَسَنَ فَقُلْتُ : يَا أَبَا سَعِيدٍ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ نُغْلَبُ ، فَنُغْلَبُ عَلَى صَلَاتِنَا ؟ فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنَّكَ تُعَرِّضُ بِنَفْسِكَ لَهُمْ ، ثُمَّ إِنَّكَ لَا تَصْنَعُ شَيْئًا . قَالَ ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ لِي مِثْلَ مَقَالَتِهِ فَقُمْتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَالْحَكَمُ بْنُ أَيُّوبَ يَخْطُبُ فَقُلْتُ الصَّلَاةَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَلَمَّا قُلْتُ ذَلِكَ احْتَوَشَنِي الرِّجَالُ فَأَخَذُوا بِلِحْيَتِي وَرَأْسِي وَتَلَابِيبِي وَجَعَلُوا يَجِئُّونَ بَطْنِي بِنِعَالِ سُيُوفِهِمْ وَمَضَوْا بِي إِلَى نَحْوِ الْمَقْصُورَةِ فَدَخَلْتُ فَقُمْتُ بَيْنَ يَدَيِ الْحَكَمِ وَهُوَ سَاكِتٌ ، فَقَالَ : أَمَجْنُونٌ أَنْتَ ؟ أَوَ مَا كُنَّا فِي صَلَاةٍ ؟ فَقُلْتُ : أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ هَلْ مِنْ كَلَامٍ أَفْضَلُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ؟ قَالَ : لَا . قُلْتُ أَرَأَيْتَ لَوَ أَنَّ رَجُلًا نَشَرَ مُصْحَفًا يَقْرَؤُهُ غُدْوَةً إِلَى اللَّيْلِ ، أَكَانَ ذَلِكَ قَاضِيًا عَنْهُ صَلَاتَهُ ؟ قَالَ : وَاللَّهِ إِنِّي لَأَحْسَبُكَ مَجْنُونًا . قَالَ : وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ جَالِسٌ تَحْتَ مِنْبَرِهِ سَاكِتٌ فَقُلْتُ : يَا أَنَسُ يَا أَبَا حَمْزَةَ ، أَنْشُدُكَ اللَّهَ فَقَدْ خَدَمْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَحِبْتَهُ ، أَبِمَعْرُوفٍ قُلْتُ أَمْ بِمُنْكَرٍ ؟ أَبِحَقٍّ قُلْتُ أَمْ بِبَاطِلٍ ؟ قَالَ فَلَا وَاللَّهِ مَا أَجَابَنِي بِكَلِمَةٍ فَقَالَ لَهُ الْحَكَمُ بْنُ أَيُّوبَ : يَا أَنَسُ . قَالَ : لَبَّيْكَ أَصْلَحَكَ اللَّهُ . قَالَ : أَكَانَ وَقْتُ الصَّلَاةِ قَدْ ذَهَبَ . قَالَ : بَلْ بَقِيَ بَقِيَّةٌ . فَقَالَ لَهُ الْحَكَمُ : احْبِسُوهُ . قَالَ يَزِيدُ : فَأُقْسِمُ لَكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ ، لَمَا لَقِيتُ مِنْ أَصْحَابِي كَانَ أَشَدُّ عَلَيَّ مِمَّا لَقِيتُ مِنَ الْحَكَمِ . قَالَ بَعْضُهُمْ : مُرَاءٍ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَجْنُونٌ قَالَ وَكَتَبَ الْحَكَمُ إِلَى الْحَجَّاجِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي ضَبَّةَ قَامَ إِلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَأَنَا أَخْطُبُ ، فَقَالَ الصَّلَاةَ وَقَدْ شَهِدَ عِنْدِي الْعُدُولُ أَنَّهُ مَجْنُونٌ فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ إِنْ كَانَ شَهِدَ الشُّهُودُ الْعُدُولُ أَنَّهُ مَجْنُونٌ فَخَلِّ سَبِيلَهُ وَإِلَّا فَاقْطَعْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَأَسْمِرْ عَيْنَيْهِ وَاصْلُبْهُ . قَالَ : فَشَهِدُوا عِنْدَ الْحَكَمِ أَنِّي مَجْنُونٌ ، فَخَلَّى عَنِّي . قَالَ الْمُعَلَّى عَنْ يَزِيدَ ثُمَّ مَاتَ أَخٌ لَنَا فَتَبِعْنَا جَنَازَتَهُ فَصَلَّيْنَا عَلَيْهِ فَلَمَّا دُفِنَ تَنَحَّيْتُ فِي عِصَابَةٍ فَذَكَرْنَا اللَّهَ ، وَذَكَرْنَا مَعَادَنَا ، فَإِنَّا لَكَذَلِكَ إِذْ رَأَيْنَا نَوَاصِيَ الْخَيْلِ وَالْحِرَابِ فَلَمَّا رَآهُ أَصْحَابِي تَفَرَّقُوا وَتَرَكُونِي وَحْدِي فَجَاءَ الْحَكَمُ حَتَّى وَقَفَ عَلَيَّ فَقَالَ : مَا كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ ؟ قُلْتُ : أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ مَاتَ صَاحِبٌ لَنَا فَصَلَّيْنَا عَلَيْهِ وَدَفَنَّاهُ وَقَعَدْنَا نَذْكُرُ رَبَّنَا وَنَذْكُرُ مَعَادَنَا ، وَنَذْكُرُ مَا صَارَ إِلَيْهِ . قَالَ : مَا مَنَعَكَ أَنْ تَفِرَّ كَمَا فَرُّوا ؟ قُلْتُ : أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ ، أَنَا أَبْرَأُ سَاحَةً مِنْ ذَلِكَ ، أَوَ مِنَ الْأَمِيرِ أَفِرُّ ؟ قَالَ فَسَكَتَ الْحَكَمُ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمُهَلَّبِ ، وَكَانَ عَلَى شُرْطَتِهِ أَتَدْرِي مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : لَا . قَالَ : هَذَا الْمُتَكَلِّمُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ . قَالَ : فَغَضِبَ الْحَكَمُ وَقَالَ : أَمَا إِنَّكَ لَجَرِيءٌ خُذْهُ ، فَأُخِذْتُ فَضَرَبَنِي أَرْبَعَمِائَةِ سَوْطٍ ، فَمَا دَرَيْتُ حَتَّى تَرَكَنِي مِنْ شِدَّةِ مَا ضَرَبَنِي . قَالَ : وَبَعَثَ بِي إِلَى وَاسِطٍ فَكُنْتُ فِي دِيمَاسِ الْحَجَّاجِ حَتَّى مَاتَ الْحَجَّاجُ وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِي وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَحْوَ حَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ أَصْلَحُ حَالًا مِنَ الْخَلِيلِ بْنِ زَكَرِيَّا وَاللَّهُ أَعْلَمُ *

اختر أحد أحاديث التخريج لعرضه هنا

اختر طريقة التخريج المناسبة لك :
التخريج
234976 - 133 ~ الحارث بن أبي أسامة في مسنده - بَابُ لَيْسَ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ - حديث رقم 758
288019 - 138 ~ الحافظ ابن حجر في المطالب العالية - بَابُ جَوَازِ تَرْكِ النَّهْي عَنِ الْمُنْكَرِ ، لِمَنْ لَا يُطِيقُ - حديث رقم 4600
566361 - 813 ~ أبو نعيم الأصبهاني في معرفة الصحابة - نُفَيْعٌ أَبُو بَكْرَةَ وَقِيلَ : مَسْرُوحٌ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : اسْمُهُ نُفَيْعُ بْنُ الْحَارِثِ ، وَقَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ : نُفَيْعُ بْنُ مَسْرُوحٍ ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ : أَبُو بَكْرَةَ اسْمُهُ نُفَيْعُ بْنُ مَسْرُوحٍ , - حديث رقم 5821